الحراك الاجتماعي والسياسي: دراسة علمية لمفهوم التغير داخل المجتمعات

ملخص :
علم الاجتماع ودراسة التغير الاجتماعي
يعرف علم الاجتماع بأنه الدراسة العلمية للمجتمعات، بهدف التوصل إلى القوانين التي تحكم تطورها وتغيرها، ويقسم علماء الاجتماع هذا العلم إلى عدة محاور أساسية، تشمل: دراسة الظواهر الاجتماعية، العمليات الاجتماعية، الثقافة، والتغير في الثقافة والبناء الاجتماعي.
أوجست كونت، مؤسس المدرسة الوضعية، قسم علم الاجتماع إلى فرعين رئيسيين: الاستقرار الاجتماعي، الذي يهتم بدراسة النظام والعلاقات بين النظم الاجتماعية والتوافق الاجتماعي، والحراك الاجتماعي أو التطور، الذي يركز على دراسة التغير والتحرك داخل المجتمع، ويشكل التغير في البناء الاجتماعي من خلال الحراك أحد الموضوعات الأساسية في الدراسات الاجتماعية.
الحراك الاجتماعي: الانتقال بين الطبقات
يشير مصطلح "الحراك الاجتماعي" إلى إمكانية انتقال الأفراد أو الجماعات من طبقة اجتماعية إلى أخرى داخل النسق الاجتماعي، غالبًا مع تغيّر مستوى الوظيفة والدخل، ويعد هذا الحراك مؤشرًا على وجود مجتمع طبقي، ويتميز المجتمع الحديث بقدرته على إتاحة الحراك، خلافًا للمجتمعات التقليدية الإقطاعية المغلقة التي تفرض قيودًا على الفرد تمنعه من التحرك خارج جماعته.
ويتميز الحراك الاجتماعي بعدة أشكال، أهمها:
- الحراك الصاعد: انتقال الفرد إلى مستوى طبقي أعلى.
- الحراك الهابط: انتقال الفرد إلى مستوى طبقي أدنى، مثل تدهور حالة الأثرياء نتيجة أزمات اقتصادية.
الحراك الاجتماعي والصراع
تشير النظريات المتعلقة بالصراع الاجتماعي إلى أن دوافع الاستياء وعدم الرضا بين الفئات المحرومة تعد من أبرز أسباب حدوث الصراع الاجتماعي، وعلى الرغم من ارتباط الحرمان غالبًا بالمتغير الاقتصادي، إلا أن الجماعات تناضل لتحقيق مصالحها الأساسية، ويولد الإدراك الاجتماعي شعورًا بالحاجة إلى الصراع لتحقيق هذه المصالح.
الحراك السياسي: مفاهيم ومكونات
يرتبط الحراك السياسي بتغير مواقف الأفراد والجماعات داخل النظام السياسي، ويشمل عادة تفاعلًا شعبيًا وسياسيًا واجتماعيًا لتبني قضية معينة دون الاهتمام برضا السلطة القائمة، ويعد الحراك السياسي مفهومًا مركبًا، يجمع بين الانتقال أو الحركة الاجتماعية، والبعد السياسي المرتبط بالممارسة والتغيير السياسي.
وقد أظهرت الدراسات أن مكونات الحراك السياسي تشمل:
- الأحزاب السياسية: تقوم بوظائف التجنيد السياسي والتنشئة السياسية والمنافسة على السلطة.
- المؤسسة العسكرية: تلعب دورًا سياسيًا إضافيًا في حالات الحراك أو التغيير السياسي، بل قد تقدم نفسها كبديل عن التنظيم السياسي.
- المظاهرات والاحتجاجات: تعبير جماعي عن المطالب السياسية والاجتماعية والضغط على السلطة عند انسداد القنوات الرسمية.
- حملات التأييد والتعبئة السياسية: جهود منظمة لدعم مرشحين أو أهداف سياسية محددة.
العلاقة بين الحراك الاجتماعي والسياسي
تشير الأدبيات إلى أن الحراك السياسي هو في جوهره امتداد للحراك الاجتماعي، ويمكن تعريفه بالحراك الاجتماعي السياسي (Socio-Political Mobility)، حيث يمثل مفهومًا شاملًا ومركبًا يدمج الانتقال في المجالين الاجتماعي والسياسي لتحقيق أهداف محددة، ويعكس التغير الديناميكي في المجتمعات الحديثة.





