9 معلومات تشرح إستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025

ملخص :
في خطوة تعكس تحولا جوهريا عن إستراتيجية الأمن القومي لعام 2022، التي ركزت على تعزيز الديمقراطية في النظام العالمي، أصدرت إدارة الرئيس ترامب أمس إستراتيجية جديدة تعتمد على مبدأ "أميركا أولا" وتؤكد على سياسة عدم التدخل، وتعكس هذه الوثيقة تغييرا في رؤية واشنطن لمكانتها في العالم، بعدما كانت الإستراتيجيات السابقة تقوم على قيادة أميركية لنظام دولي ليبرالي قائم على التحالفات والمؤسسات متعددة الأطراف.
أولا: تاريخ الإستراتيجيات ودورها في السياسة الأميركية
يعود تقليد إصدار إستراتيجية الأمن القومي إلى قانون 1986، الذي ألزم البيت الأبيض بتقديم وثيقة دورية إلى الكونغرس تحدد التوجهات الكبرى للسياسة الخارجية والدفاعية، وتحدد أولويات الإدارة الأميركية فيما يتعلق بالخصوم، واستخدام القوة العسكرية، ودور التحالفات، ومن غير المعتاد أن تكشف الإستراتيجية الجديدة عن تحولات جوهرية في مقاربة الولايات المتحدة لمكانتها الدولية.
ثانيا: إعادة تعريف الأمن القومي وتركيز على الهجرة
تضع الإستراتيجية الجديدة قضية الهجرة في قلب الأمن القومي، موصولة بأمن الحدود، والجريمة المنظمة، والمخدرات، والضغط على الهوية الثقافية الأميركية، وتعتبر الوثيقة أن "عصر الهجرة الجماعية يجب أن ينتهي"، ما يعكس تحولا في الأولويات من السياسات التقليدية نحو حماية الهوية والمصالح الاقتصادية الأميركية.
ثالثا: السياسة الداخلية كمحدد للسياسة الخارجية
تعيد الوثيقة تعريف السياسة الخارجية كامتداد مباشر للبرنامج الداخلي الذي يشمل إعادة التصنيع، واستعادة الهيمنة في مجال الطاقة، وتقليص الاعتماد على الخصوم في التكنولوجيا وسلاسل التوريد الحساسة، وهذا يعكس توجه الإدارة إلى ربط القرارات الخارجية بشكل مباشر بمصالح الاقتصاد الوطني واستقرار الطبقة الوسطى.
رابعا: الشرق الأوسط: تراجع الأهمية النسبية مع الحفاظ على المصالح الحيوية
تعامل الإستراتيجية الجديدة الشرق الأوسط كمنطقة "تراجعت أهميتها الإستراتيجية للولايات المتحدة" دون فقدان أهميتها بشكل كلي، ويعزى ذلك إلى استقلال واشنطن عن النفط الإقليمي، وتحول المنطقة إلى "مكان للشراكة والصداقة والاستثمار"، مع الحفاظ على الاهتمام بإمدادات الطاقة العالمية، وأمن إسرائيل، وحرية الملاحة في مضيق هرمز وباب المندب والبحر الأحمر، كما أشادت الإستراتيجية بجهود ترامب في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، واعتبرت إيران تهديدا يجب احتواؤه وليس استئصاله بعد حرب الـ 12 يوما في يونيو الماضي.
خامسا: أميركا اللاتينية والكاريبي: أولوية استراتيجية
تضع الوثيقة نصف الكرة الغربي، وخاصة أميركا اللاتينية والكاريبي، في صدارة الأولويات، معتمدة على مبدأ مونرو التاريخي الذي يحظر أي تدخل أوروبي في الأميركيتين، وتربط الإستراتيجية النفوذ الصيني والروسي في المنطقة مباشرة بمخاطر الأمن الداخلي الأميركي، مع التأكيد على تعزيز الوجود البحري الأميركي، وتوسيع التعاون الاستخباراتي، وممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية على أنظمة تُعتبر معادية، وعلى رأسها فنزويلا.
سادسا: العلاقة مع الصين: منافسة اقتصادية واستراتيجية
تتعامل الوثيقة مع الصين على أنها منافس اقتصادي واستراتيجي، وليس على أساس مواجهة أيديولوجية، وتصف التحدي الصيني بأنه "اختلال في ميزان القوة الاقتصادية"، مع تقدم بكين في مجالات الذكاء الاصطناعي والاتصالات وسلاسل التوريد والمعادن النادرة، وتشدد الإستراتيجية على إعادة إنتاج الصناعات الحيوية في الداخل أو في دول حليفة، مع الاستعداد العسكري لردع أي محاولة صينية لفرض واقع جديد بشأن تايوان.
سابعا: أوروبا: مراجعة صارمة للعلاقات التقليدية
تعتمد الوثيقة لغة غير معتادة تجاه أوروبا، معتبرة القارة تعاني "شيخوخة ديموغرافية"، و"أزمة هوية"، وتحذر من "محو حضاري" في حال استمرار سياسات استقبال اللاجئين وتراكم القيود الاقتصادية، وتطالب الأوروبيين بتحمل المسؤولية الدفاعية وزيادة الإنفاق العسكري، وتضع مشاركة واشنطن في حلف شمال الأطلسي على أساس "من يدفع أكثر ويحمل عبئا أكبر، يحظى بالتزام أمتن".
ثامنا: آسيا: سياسة مزدوجة تجاه المحيط الهادئ والهند
تعتمد الإستراتيجية في آسيا مقاربة مزدوجة، حيث ينظر إلى المحيط الهادئ كساحة ردع عسكري ضد الصين، فيما تُعد الهند ودول جنوب شرق آسيا سوقا بديلة لإعادة توزيع سلاسل الإنتاج وفك الارتباط الجزئي عن الاقتصاد الصيني.
تاسعا: إعادة ترتيب الأولويات: عقيدة "أميركا أولا"
تجسّد الإستراتيجية عقيدة "أميركا أولا" بشكل مكتمل، مع التركيز على أمن الحدود، وإعادة بناء الطبقة الوسطى، وتعزيز القاعدة الصناعية والتكنولوجية، وإعادة هيكلة الالتزامات الدولية لتخدم هذه الأهداف، ويبرز الاهتمام بنصف الكرة الغربي كمجال حيوي، مع منع أي اختراق صيني أو روسي، بينما تحدد آسيا وساحة المحيط الهادئ كأولوية عسكرية واستراتيجية جزئية، توازيها أهمية اقتصادية وسياسية.





