بعد تصنيف ترامب له كسلاح دمار شامل.. ماذا نعرف عن مخدر "الفنتانيل"؟

ملخص :
أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم أمس الاثنين، أمرا تنفيذيا بتصنيف مادة "الفنتانيل" المخدرة سلاح دمار شامل، ضمن الإجراءات الصارمة لمكافحة تهريب المخدرات في أميركا اللاتينية، وجاء ذلك خلال توقيع الرئيس لأمر تنفيذي في البيت الأبيض، حيث قال: "نصنف رسمياً "الفنتانيل" سلاح دمار شامل، ليس هناك قنبلة تفعل ما تفعله هذه المادة، إذ يودي بحياة 200 إلى 300 ألف شخص سنوياً".
وأشار الأمر التنفيذي إلى أن "الفنتانيل" أقرب إلى سلاح كيميائي منه إلى مخدر، وأن تصنيعه وتوزيعه يهدد الأمن القومي ويؤجج الفوضى على الحدود الأميركية وعلى الصعيد الإقليمي، فما هو "الفنتانيل"، وما أثاره؟
الفنتانيل: من العقار الطبي إلى الكابوس العالمي
ابتُكر "الفنتانيل" في البداية كمُسكن قوي للآلام الشديدة، ويُصنف ضمن المواد الخاضعة للرقابة في الولايات المتحدة (Schedule II)، وتفوق فعاليته المورفين بـ 50 إلى 100 مرة والهيروين بـ 50 مرة، ما يجعل أي جرعة صغيرة منه قاتلة، ويكفي كيلوغرام واحد من "الفنتانيل" لقتل نحو 500 ألف شخص.
لكن خلال العقدين الماضيين، تحول "الفنتانيل" إلى أحد أخطر المخدرات في العالم، إذ يتم إنتاجه في معامل سرية غير خاضعة للرقابة وخلطه مع الهيروين، أو الكوكايين، أو ضغطه على هيئة أقراص مزيفة، ما يزيد خطر الوفاة ويضاعف تهديداته على الصحة العامة.
انتشاره ومصادره العالمية
تتصدر الولايات المتحدة وأميركا الشمالية من حيث الاستهلاك وعدد الوفيات الناتجة عن "الفنتانيل"، أما الإنتاج والتهريب، فتعتمد بشكل رئيسي على الصين والمكسيك:
- الصين: المورد الأساسي للمواد الكيميائية الأولية لصناعة "الفنتانيل" رغم تشديد الرقابة، تستمر الشركات الصينية في ترويج المواد عبر منصات التجارة الإلكترونية، وفي فبراير 2025، وجهت السلطات الأميركية اتهامات لشركة "هوبي أوكس بايو-تك" ببيع 11 كيلوغراماً من المواد الأولية قادرة على إنتاج ملايين الجرعات المميتة.
- المكسيك: مركز التصنيع الرئيسي للفنتانيل النهائي، وتسيطر كارتيلات مثل: سينالوا، وخاليسكو نيو جينيراشين على عمليات الإنتاج باستخدام مختبرات متطورة لإنتاج "الفنتانيل" والأقراص المزيفة، حيث تظهر بيانات الجمارك الأميركية أن 98% من "الفنتانيل" المهرب عبر الحدود يأتي من المكسيك.
- الهند: برزت كمصدر متنامٍ للمواد الأولية، حيث تعاون تجار هنود مع كارتيل سينالوا لتوريد مواد محظورة بعد تشديد الصين الرقابة عليها.
التداعيات الصحية والاجتماعية لأزمة "الفنتانيل"
تسببت أزمة "الفنتانيل" في كارثة صحية واجتماعية في الولايات المتحدة:
- تجاوز عدد ضحايا الجرعات الزائدة 100 ألف وفاة عام 2023، وشكل "الفنتانيل" وحده نحو 74 ألفاً منها، أي ما يقارب ثلثي الوفيات.
- أصبح "الفنتانيل" السبب الأول للوفاة بين الأميركيين تحت سن الخمسين، متفوقاً على أمراض القلب والسرطان.
- يعاني النظام الصحي من ضغط هائل بسبب تزايد حالات التسمم بالأفيونات، ما دفع السلطات لتوسيع برامج توزيع عقار نالوكسون وتدريب المجتمعات على استخدامه لإنقاذ الضحايا ميدانياً.
- بلغ عدد الأميركيين المصابين باضطراب استخدام الأفيونات نحو 5.7 مليون شخص عام 2023، بينما يتلقى واحد من كل خمسة فقط العلاج، ما يزيد التأثير الاجتماعي للإدمان من بطالة وتشرد وجرائم.
الأثر الاقتصادي للأزمة
بلغت التكلفة الاقتصادية لأزمة "الفنتانيل" في الولايات المتحدة نحو 2.7 تريليون دولار عام 2023، أي 9.7% من الناتج المحلي الإجمالي، وتشمل:
- 1.1 تريليون دولار بسبب الوفيات المبكرة.
- 1.34 تريليون دولار نتيجة تدهور جودة الحياة لملايين المدمنين.
- 277 مليار دولار كنفقات مباشرة على الصحة وإنفاذ القانون والسجون.
- ويضاف إلى ذلك عبء ضخم على الإنتاجية وفقدان العمالة بسبب الوفاة أو الغياب، ما يجعل أزمة "الفنتانيل" تهديداً اقتصادياً مماثلاً لكارثة وطنية.
انعكاسات اجتماعية عميقة
لا تقتصر أزمة "الفنتانيل" على الصحة والاقتصاد، بل لها آثار اجتماعية مدمرة:
- أصبح تعاطي أي مخدر غير مشروع مخاطرة قاتلة باحتمال احتوائه على "الفنتانيل."
- ازداد عدد الأطفال في دور الرعاية جراء وفاة ذويهم بالجرعات الزائدة.
- ارتفع الضغط على النظام القضائي والسجون نتيجة الجرائم المرتبطة بالمخدرات.
تمثل أزمة "الفنتانيل" كارثة شاملة تُزهق الأرواح وتفكك الأسر وتستنزف الموازنات، إضافة إلى تأثيرها على العلاقات التجارية الدولية، لذلك، أصبح مكافحة تهريب وإنتاج "الفنتانيل" أولوية عاجلة للولايات المتحدة وحلفائها، في مواجهة تهديدات تتجاوز الحدود الوطنية وتشمل أبعاداً صحية واجتماعية واقتصادية خطيرة.





