روبيو يحذر من حرب أهلية وشيكة في سوريا: هل رفع العقوبات كان قرارًا صائبًا؟

في لحظة حرجة من التحولات السياسية، حذر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو من أن سوريا قد تنهار قريبًا وتدخل في حرب أهلية واسعة النطاق، في ظل مخاوف متصاعدة من تصاعد العنف الطائفي، رغم رفع العقوبات وبدء الانفتاح الدولي على الحكومة الانتقالية الجديدة بقيادة أحمد الشراع.
في جلسة استماع مثيرة بمجلس الشيوخ الأمريكي، أطلق وزير الخارجية ماركو روبيو تحذيرًا علنيًا من نوع ثقيل: "سوريا قد تكون على بعد أسابيع فقط من حرب أهلية شاملة". تحذير لم يأتِ من فراغ، بل في لحظة حساسة تمر بها البلاد بعد الإطاحة ببشار الأسد وظهور سلطة انتقالية جديدة تقودها شخصية جدلية هي أحمد الشراع، القيادي السابق في "هيئة تحرير الشام".
ما الذي قاله روبيو تحديدًا؟
أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، أوضح روبيو أن الوضع في سوريا هش للغاية، قائلاً:
"السلطة الانتقالية الحالية، وفق تقييمنا، قد تنهار خلال أسابيع، وليس أشهر، مما سيدفع البلاد نحو حرب أهلية جديدة بمقاييس كارثية".
وأضاف:
"إذا لم نتفاعل معهم، فالانهيار محتوم. أما إن تفاعلنا، فهناك احتمال، ولو ضئيل، أن نساهم في الاستقرار".
لماذا دعم ترامب رفع العقوبات عن سوريا؟
روبيو دافع خلال الجلسة عن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي برفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، مشيرًا إلى أن هذا القرار جاء بعد لقاء مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشراع في قمة خليجية بالرياض.
وأوضح أن العديد من الدول الإقليمية كانت راغبة في إرسال مساعدات لسوريا لدعم الاستقرار، لكنها كانت مترددة بسبب العقوبات الأمريكية. رفع هذه القيود، حسب قوله، منح الضوء الأخضر للمساعدات وفتح باب الحوار السياسي.
من هو أحمد الشراع؟ ولماذا يُثير الجدل؟
الشراع، الذي صافح ترامب أمام عدسات الكاميرات في الرياض، يُعد من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في سوريا الجديدة. فقد كان قائدًا بارزًا في هيئة تحرير الشام (HTS)، التنظيم المنبثق عن القاعدة، ولا يزال مُدرجًا على قوائم الإرهاب في أمريكا، الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي.
ورغم هذا التاريخ، وصفه ترامب بعد اللقاء بأنه:
"شاب قوي، ماضيه عنيف... لكنه مقاتل حقيقي. أعتقد أنه يستطيع توحيد سوريا".
هذا اللقاء، الذي كان غير وارد الحدوث قبل أشهر قليلة فقط، اعتُبر تحولًا كبيرًا في سياسة البيت الأبيض تجاه الملف السوري.
ما الذي يُهدد سوريا الآن؟
ورغم رفع العقوبات وتدفّق بعض المساعدات، فإن الواقع على الأرض أكثر تعقيدًا. شهدت سوريا موجتين من العنف الطائفي في الأشهر الأخيرة:
مارس 2025: مقتل نحو 900 مدني – غالبيتهم من الطائفة العلوية – في الساحل السوري، خلال اشتباكات بين قوات الأمن ومجموعات موالية للنظام السابق.
مايو 2025: مقتل أكثر من 100 شخص في مواجهات بين مقاتلين دروز، وقوات الأمن التابعة للشراع، ومجموعات سنية متشددة في دمشق وسويداء.
هذا التصعيد أثار الذعر بين الأقليات الدينية، التي كانت في حالة ترقّب من البداية، نظرًا لهيمنة مجموعات إسلامية على السلطة الانتقالية، خصوصًا هيئة تحرير الشام.
روبيو لمّح إلى أن السبب في الانقسام الحالي هو سياسة النظام السابق، قائلاً:
"الأسد دمّر النسيج الاجتماعي عمدًا، وجعل الطوائف تتناحر بدل أن تتعاون".
كيف تفاعل العالم؟
الاتحاد الأوروبي أعلن تزامنًا مع جلسة الشيوخ رفع بعض العقوبات أيضًا، وأكد على لسان مفوضة الشؤون الخارجية كايا كالاس:
"نريد دعم السوريين لبناء دولة شاملة وسلمية".
وزارة الخارجية السورية رحّبت بالقرار الأوروبي واعتبرته "بداية فصل جديد في العلاقات مع أوروبا، قائم على الاحترام والازدهار المشترك".
هل سوريا على أبواب انفجار جديد؟
السيناريو الأسوأ، حسب روبيو، يتمثل في انقسام سوريا إلى مناطق نفوذ طائفية، وتحوّل النزاع السياسي إلى حرب أهلية ثانية. هذا في وقت لم تُستكمل فيه بعد إعادة بناء المؤسسات، ولا يزال الجيش في طور إعادة الهيكلة.
المخاوف لا تتوقف فقط عند الداخل، بل تمتد إلى الجوار أيضًا: فعودة الفوضى في سوريا قد تُغري تنظيمات متطرفة بالعودة، وتعيد خلط الأوراق في المنطقة بأكملها.
هل رفع العقوبات جاء مبكرًا؟
رغم أن القرار جاء كـ"حبل نجاة اقتصادي"، إلا أن البعض في الكونغرس الأمريكي يُبدي قلقًا من أن الولايات المتحدة تسرعت في الانفتاح دون ضمانات واضحة لحماية الأقليات وحقوق الإنسان.
ورغم وعود الشراع، لم تنجح سلطاته حتى الآن في وقف موجات العنف أو تهدئة المخاوف الطائفية، ما يثير التساؤل:
"هل رفع العقوبات دعم الاستقرار... أم أطلق رصاصة فوضى جديدة؟"