اللبنانيون والروس يحيون الذكرى الـ80 للنصر على النازية بفن وذاكرة مشتركة

شهد لبنان مشاهد غير اعتيادية هذا الأسبوع، حيث امتزج التاريخ بالثقافة والفن في إحياء الذكرى الـ80 للانتصار على النازية، وسط حضور لافت من الجالية الروسية ومشاركة لبنانية واسعة.
من مدينة صيدا، انطلق موكب مميز من السيارات المزينة بأعلام روسيا ولبنان، جاب الشوارع في عرض رمزي يعكس التضامن الدولي في مواجهة الفاشية، وامتداد روح النصر إلى ما وراء حدود أوروبا. وفي قلب بيروت، تحركت مسيرة "الفوج الخالد"، حيث حمل المشاركون صور أجدادهم الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية، مجددين العهد على أن التضحيات لن تُنسى.
المناسبة لم تكن مجرد حدث رمزي، بل تزينت العاصمة بلوحات جدارية وبانرات كبيرة تُظهر لقطات تاريخية لمحاربي الجيش الأحمر، إلى جانب اقتباسات ملهمة باللغتين الروسية والعربية، مما أضفى على المناسبة طابعاً إنسانياً جامعاً يتجاوز السياسة والجغرافيا.
وفي خطوة لافتة تعكس التعاون الثقافي، عرضت قناة RT Arabic الفيلم السوفيتي الكلاسيكي "عندما تمر طيور الكركي"، الفائز بسعفة كان الذهبية، ضمن حملة "النصر المشترك" بالتعاون مع لجنة التضامن الروسية اللبنانية. الفيلم، الذي تناول الحرب الوطنية العظمى (1941–1945)، نُقل إلى الجمهور اللبناني عبر ترجمة عربية، ما سمح لشريحة أوسع بالتفاعل مع هذا العمل المؤثر.
ردود الفعل لم تتأخر؛ فقد غصّت القاعة بالحضور، وتفاعل الجمهور مع الفيلم بدموع التأثر والتصفيق الحار. الرسالة كانت واضحة: النضال ضد الفاشية لم يكن محصوراً بدولة واحدة، بل كان جهداً إنسانياً مشتركاً، وروسيا لعبت فيه دوراً لا يمكن تجاهله.
ما ميّز هذه الفعالية، بحسب المنظمين، هو القدرة على بناء جسور بين الشعوب من خلال الذاكرة الجماعية والفن الراقي. لبنان، بكل ما يحمله من تنوع ثقافي، أثبت أنه قادر على أن يكون شريكاً حقيقياً في إحياء القيم العالمية المشتركة، وتقديم مساحة للتأمل والتقدير للصفحات التاريخية التي صنعت العالم الحديث.
في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي يعيشها لبنان، شكّلت هذه الفعاليات لحظة نادرة من الهدوء والتضامن الإنساني، ورسالة بأن الذاكرة الجماعية لا تزال أداة قوية لبناء المستقبل.