الرئيس اللبناني جوزيف عون في القاهرة: دعم الجيش وإعادة الإعمار على رأس الأولويات

في زيارة رسمية تعكس سعي لبنان للخروج من أزماته المتراكمة، يبدأ الرئيس اللبناني جوزيف عون اليوم الإثنين زيارة إلى القاهرة، بدعوة من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، لبحث ملفات الاقتصاد، الجيش، وإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الحرب الأخيرة التي أنهكت البلاد.
الزيارة تأتي في توقيت حساس، إذ يحاول عون الذي انتُخب في كانون الثاني بعد أكثر من عامين من الشلل السياسي، رسم خريطة طريق لإنقاذ لبنان من أسوأ أزماته الاقتصادية منذ الحرب الأهلية، وفي ظل تصعيد عسكري غير مسبوق بين إسرائيل وحزب الله خلّف دماراً واسعاً، خصوصاً في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت.
في مقابلة بثتها قناة "أون تي في" المصرية مساء الأحد، قال الرئيس اللبناني إن المحادثات مع السيسي ستشمل ملفات التعاون الثنائي، والتطورات الإقليمية، بما فيها زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة، و"القمة الخليجية"، بالإضافة إلى مستقبل العقوبات الأميركية على سوريا وتأثيرها على لبنان.
وأكد عون أن أحد أهداف الزيارة هو إعادة إحياء اللجنة العليا المشتركة بين لبنان ومصر، والاستفادة من الخبرات المصرية في مجالات مثل الغاز والكهرباء، إلى جانب السعي نحو دعم مباشر للجيش اللبناني، خصوصاً على صعيد المعدات الهندسية والتعامل مع الأنفاق والمتفجرات.
وتحمل هذه الزيارة بعداً سياسياً أيضاً، إذ تأتي في سياق إعادة فتح لبنان لأبوابه نحو العمق العربي، بعد فترة طويلة من التوتر في علاقاته مع دول الخليج. وقد بدأ عون سلسلة زيارات عربية منذ توليه الرئاسة، في محاولة لحشد الدعم المالي والسياسي لإعادة إعمار المناطق المتضررة ولتثبيت الاستقرار الأمني.
يُذكر أن انتخاب عون رئيساً للجمهورية تم بعد أسابيع من اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى حرباً استمرت أكثر من عام بين إسرائيل وحزب الله، وأسفر عن سقوط مئات الضحايا ودمار كبير في البنية التحتية اللبنانية. وبموجب الاتفاق، جرى تعزيز وجود الجيش اللبناني في جنوب البلاد إلى جانب قوات اليونيفيل، مقابل انسحاب عناصر الحزب من المناطق الحدودية. لكن إسرائيل لا تزال تنفذ غارات تستهدف ما تصفه بـ"بنى تحتية للحزب"، وأبقت على وجود عسكري في خمس نقاط جنوبية رغم بنود الاتفاق.
من جهتها، تحاول بيروت رسم مسار جديد يعيد إليها التوازن السياسي والدعم الإقليمي والدولي، في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة منذ 2019 جعلت أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر، وفاقمتها الحرب الأخيرة والخلافات السياسية المستمرة.
زيارة القاهرة هذه، والتي تُعد الثانية لعون منذ توليه المنصب، تحمل إشارات إيجابية حول احتمال استعادة الزخم للعلاقات اللبنانية–المصرية، وتوسيع مجالات التعاون في الملفات الأمنية والاقتصادية والإنسانية، وسط تصاعد الضغوط على لبنان من الداخل والخارج للبدء بإصلاحات جذرية.