إيران تتمسك بالتخصيب وتوجه رسائل مزدوجة لأوروبا وأمريكا: "الاتفاق ممكن... لكننا مستمرون مع أو بدونكم"

"سنواصل تخصيب اليورانيوم، سواء تم التوصل إلى اتفاق أو لا." بهذه العبارة الحاسمة، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن طهران لن تتراجع عن نشاطها النووي، حتى مع استمرار المحادثات مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية بشأن مستقبل الاتفاق النووي.
عراقجي، وفي تصريحات نشرها على منصة "إكس" الأحد، وجه رسالة مباشرة لواشنطن قائلاً إن الوصول لاتفاق يمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية لا يزال "في المتناول"، مؤكداً استعداد طهران لخوض محادثات جدية لتحقيق هذا الهدف. لكنه شدد بالمقابل على أن تخصيب اليورانيوم "غير قابل للتفاوض"، وهو حق ثابت لإيران، حسب تعبيره.
الاتفاق النووي الذي وُقع عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى حدد سقف تخصيب اليورانيوم عند 3.67%، إلا أن طهران ترفع النسبة حاليًا إلى 60%، وهي نسبة تقترب من عتبة الاستخدام العسكري البالغة 90%.
رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي أعاد التأكيد الأربعاء على أن جميع أنشطة إيران النووية "تجري تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية" وأن البرنامج الإيراني "سلمي بالكامل". ورفض إسلامي فكرة وقف التخصيب، مشيراً إلى أن التكنولوجيا النووية بالنسبة لإيران "ليست وسيلة لصنع السلاح".
وفي الوقت نفسه، أبدى عراقجي استعداد بلاده لـ"فتح صفحة جديدة" مع الدول الأوروبية، بشرط أن تظهر هذه الأطراف "إرادة حقيقية ونهجًا مستقلًا"، بعيداً عن التبعية للسياسات الأمريكية. وأضاف أن إيران لا ترى أي مانع من استعادة الثقة المتبادلة وتطوير العلاقات إذا توفر ذلك الشرط الأوروبي.
في هذا السياق، عقدت إيران مباحثات جديدة مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا في تركيا يوم الجمعة الماضي، ضمن مسار دبلوماسي يبدو أنه يراوح مكانه في ظل التوتر المتصاعد حول برنامج طهران النووي.
من جهتها، تفكر الدول الأوروبية الثلاث في تفعيل آلية "العودة السريعة" (Snapback) الواردة في اتفاق 2015، والتي تسمح بإعادة فرض عقوبات مجلس الأمن على إيران إذا ثبت انتهاكها للاتفاق. تنتهي مهلة تفعيل هذه الآلية في أكتوبر 2025، ولكن عراقجي حذر من "عواقب لا رجعة فيها" إذا ما لجأت الدول الثلاث لهذا الخيار.
وعلى خط موازٍ، تستمر المحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران بوساطة عمانية، وقد شهدت حتى الآن أربع جولات منذ 12 أبريل الماضي. الهدف: التوصل إلى اتفاق بديل عن اتفاق 2015 الذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018 بقرار من الرئيس السابق دونالد ترامب، مع فرضه سلسلة من العقوبات الصارمة التي أثرت بشدة على الاقتصاد الإيراني.
رغم الالتزام الإيراني ببنود الاتفاق لمدة عام بعد الانسحاب الأميركي، بدأت طهران لاحقاً بالتحلل من التزاماتها، ما أثار مخاوف غربية من احتمالات اقترابها من "العتبة النووية".
وفي المنتدى الدبلوماسي الذي استضافته طهران، انتقد عراقجي غياب أوروبا عن طاولة المفاوضات المباشرة بين واشنطن وطهران، قائلاً: "نحن نواصل الحوار مع أوروبا، ونعتقد أن تعزيز التفاهم بيننا يخدم الاستقرار الإقليمي".
وأضاف: "نريد أن تؤدي أوروبا دورها في المحادثات النووية، لكنها قللت من ذلك الدور بإرادتها".
على هامش المنتدى، التقى عراقجي نظيره العماني بدر البوسعيدي، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في لقاءات ناقشت دعم جهود الوساطة الهادفة لتقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن.
هل تعتقد أن إصرار إيران على مواصلة التخصيب سيقربها من صفقة دولية جديدة؟ أم أن المواجهة مع الغرب باتت حتمية؟