بعد حصولها على 237 صوتًا في مجلس النواب.. تاكايشي أول رئيسة وزراء في تاريخ اليابان

ملخص :
حصلت تاكايشي على 237 صوتًا، متجاوزة الأغلبية المطلوبة في مجلس النواب الذي يضم 465 مقعدًا، وفقًا لما أوردته وكالة "رويترز" للأنباء، ويُنتظر أن يتم تنصيبها رسميًا في وقت لاحق من اليوم لتبدأ مهامها رسمياً على رأس الحكومة.
نهاية فراغ سياسي استمر ثلاثة أشهر
يأتي صعود تاكايشي إلى رئاسة الحكومة بعد استقالة رئيس الوزراء السابق، شيغيرو إيشيبا، الذي لم يمكث في منصبه سوى عام واحد، إذ قدم استقالته مع حكومته صباح اليوم الثلاثاء، فاتحًا الطريق أمام خلفه الجديد، وانتهى بذلك الفراغ السياسي الذي عاشته اليابان طوال ثلاثة أشهر، منذ الهزيمة القاسية التي مُني بها الحزب الليبرالي الديمقراطي في انتخابات يوليو/ تموز، والتي شكلت ضربة موجعة للائتلاف الحاكم وأدت إلى اهتزاز الثقة بقيادته السابقة.
ويرى مراقبون أن اختيار تاكايشي جاء في محاولة لاستعادة استقرار المشهد السياسي الداخلي وبعث الثقة في صفوف الحزب الحاكم الذي يسعى إلى تجديد صورته وإظهار انفتاحه على القيادات النسائية.
خلفية عن تاكايشي... من موسيقى "الهيفي ميتال" إلى قمة السياسة
تبلغ ساناي تاكايشي 64 عامًا، وهي سياسية محافظة تُعرف بتوجهاتها القومية المتشددة، ومواقفها الصريحة، ومع ذلك، فإن مسيرتها الشخصية تحمل طابعًا غير مألوف في عالم السياسة اليابانية.
فقد كانت تاكايشي خلال سنوات دراستها الجامعية عازفة طبل في فرقة لموسيقى "الهيفي ميتال"، قبل أن تنتقل لاحقًا إلى العمل السياسي وتشق طريقها بثبات داخل الحزب الديمقراطي الحر، أحد أقدم الأحزاب وأكثرها تأثيرًا في اليابان.
وتُعرف تاكايشي بإعجابها الشديد برئيسة الوزراء البريطانية الراحلة، مارغريت تاتشر (1925 - 2013)، التي تعتبرها نموذجها السياسي الأعلى، وغالبًا ما تُقارن مواقفها الحازمة بنهج "المرأة الحديدية" البريطانية، سواء في الخطاب السياسي أو في الحزم الإداري.
تحديات ثقيلة تنتظر الحكومة الجديدة
تستعد تاكايشي لتولي مهامها وسط ظروف اقتصادية واجتماعية معقدة، تتطلب سياسات حازمة وقرارات جريئة، ومن أبرز التحديات التي ستواجهها:
- شيخوخة السكان: حيث تعاني اليابان من واحدة من أعلى نسب الشيخوخة في العالم، ما يشكل ضغطًا متزايدًا على نظام الرعاية الاجتماعية وسوق العمل.
- ارتفاع الدين العام: إذ يبلغ الدين الوطني الياباني مستويات غير مسبوقة، ما يفرض على الحكومة الجديدة ضرورة تحقيق توازن بين الإنفاق والتحفيز الاقتصادي.
- التضخم وغلاء المعيشة: مع استمرار ارتفاع الأسعار وتراجع القوة الشرائية للمواطنين، سيكون على الحكومة إيجاد حلول عملية لضبط السوق وتخفيف الأعباء على الأسر.
- الهجرة: وسط تراجع عدد السكان، تزداد الدعوات لتخفيف القيود على الهجرة، وهو موضوع حساس في مجتمع محافظ تقليديًا مثل اليابان.
وأعلنت تاكايشي في تصريحات سابقة أنها تعتزم تحفيز الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق العام وتقديم إعفاءات ضريبية لتعزيز القدرة الشرائية ودعم الشركات المحلية، مؤكدة أن سياساتها ستوازن بين الانضباط المالي ودفع عجلة النمو.
ارتياح شعبي في مسقط رأسها
قوبل فوز ساناي تاكايشي بترحيب واسع في مدينة نارا، مسقط رأسها الواقعة في غرب اليابان، حيث سادت أجواء الفخر بين السكان الذين اعتبروا صعودها إلى رئاسة الوزراء إنجازًا تاريخيًا للمنطقة وللنساء اليابانيات على حد سواء.
تاكايشي.. بين القومية والإصلاح
تُعد تاكايشي من أكثر الشخصيات إثارة للجدل داخل الحزب الديمقراطي الحر، نظرًا لمواقفها القومية الصريحة ودفاعها القوي عن تعزيز القدرات العسكرية اليابانية، وتعديل الدستور السلمي الذي فُرض بعد الحرب العالمية الثانية.
ويرى محللون أن رؤيتها السياسية تميل إلى إعادة تعريف دور اليابان الإقليمي، خاصة في ظل التوترات مع الصين وكوريا الشمالية، مع الحفاظ في الوقت ذاته على التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة.
كما يُتوقع أن تتبنى سياسات أكثر صرامة تجاه قضايا الأمن والدفاع، مع دعم الصناعات الوطنية والتكنولوجيا الدفاعية، في إطار مساعيها لتعزيز "الاستقلال الاستراتيجي" للبلاد.
دعم نسائي متزايد
يمثل صعود تاكايشي إلى رئاسة الوزراء لحظة فارقة في تاريخ اليابان الحديث، إذ لم يسبق لأي امرأة أن شغلت هذا المنصب في بلد ظلّ يُنظر إليه طويلاً على أنه مجتمع ذكوري تقليدي، ويرى مراقبون أن انتخابها سيمنح دفعة قوية للحركات النسوية وللشابات الطامحات إلى دخول معترك السياسة والإدارة العامة.
آفاق المرحلة المقبلة
مع بدء عهد ساناي تاكايشي، تتجه الأنظار إلى أولويات الحكومة الجديدة وبرنامجها في معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تراكمت خلال السنوات الأخيرة.
ويرى محللون أن نجاحها في أول عام من ولايتها سيكون حاسمًا في ترسيخ مكانتها السياسية وضمان استقرار حزبها في الحكم، فاليابان تمر بمرحلة دقيقة تتطلب توازناً بين الإصلاح الداخلي والانفتاح الخارجي، وبين الحزم المالي وتحفيز النمو الاقتصادي.
ويبقى السؤال المطروح في الأوساط السياسية والإعلامية:
هل ستنجح "المرأة الحديدية اليابانية" في كسر الصور النمطية وتحقيق التغيير الذي ينتظره شعبها؟





