الولايات المتحدة تعتزم تعيين توماس باراك مبعوثًا خاصًا لسوريا

ترشيح توماس باراك، السفير الأمريكي في تركيا والمقرّب من ترامب، كمبعوث خاص لسوريا يعكس تحوّلاً استراتيجيًا في مقاربة واشنطن للملف السوري بعد سقوط الأسد، مع إعطاء دور محوري لأنقرة في رسم ملامح المرحلة المقبلة.
في خطوة غير تقليدية لكنها متوقعة ضمن التغيرات الأخيرة بالسياسة الأمريكية، كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة عن نية إدارة الرئيس دونالد ترامب تعيين توماس باراك، السفير الأمريكي الحالي في تركيا والمستشار المقرب من ترامب، مبعوثًا خاصًا للولايات المتحدة إلى سوريا.
من هو توماس باراك؟
إذا لم تسمع بهذا الاسم من قبل، فإليك لمحة سريعة: توماس باراك هو رجل أعمال بارز في مجال الاستثمار الخاص، وكان أحد أبرز داعمي ترامب خلال حملته الانتخابية عام 2016، بل تولّى رئاسة لجنة تنصيبه. منذ توليه منصب السفير في أنقرة، بدأ يلعب دورًا دبلوماسيًا متزايدًا، خاصة في ملفات حساسة كالعلاقات التركية-الأمريكية وسوريا.
لماذا هذا التعيين الآن؟
يأتي هذا القرار بعد أيام فقط من إعلان ترامب رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، في خطوة مثيرة للجدل تهدف لإعادة دمج دمشق في النظام الاقتصادي العالمي بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر الماضي، وإنهاء 14 عامًا من الحرب.
تعيين باراك كمبعوث خاص يعكس رغبة واشنطن في التعامل مع سوريا بصوت سياسي واحد واضح ومقرب من ترامب، مع الاستفادة من علاقته القوية بتركيا، الدولة التي باتت لها اليد العليا في التأثير على مجريات الأمور داخل سوريا.
ما دلالة اختيار باراك؟
اختيار شخصية مثل باراك، لا تنتمي إلى الدبلوماسية التقليدية بل إلى عالم المال والسياسة الخلفية، يحمل عدة رسائل:
✅ إدارة الملف السوري لم تعد حكرًا على وزارات الخارجية فقط، بل أصبحت مشروعًا سياسيًا اقتصاديًا وأمنيًا متكاملاً.
✅ أمريكا تعترف عمليًا بأن تركيا أصبحت لاعبًا أساسيًا في الشأن السوري بعد سقوط الأسد.
✅ باراك سيستمر في منصبه كسفير في تركيا، مما يعكس دمج الملفين السوري والتركي في سلة واحدة، نظرًا للتشابك الأمني والسياسي بين البلدين.
من كواليس التحركات:
وفقًا للمصادر، باراك التقى مؤخرًا بعدد من الشخصيات البارزة لمناقشة الملف السوري:
- التقى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على مأدبة عشاء خاصة في أنقرة.
- شارك في اجتماع رفيع بواشنطن حول سوريا بحضور وزراء أتراك، حيث تم التطرق إلى رفع العقوبات الأمريكية وسبل دعم الاستقرار في سوريا.
- جلس مع وزير الخارجية السوري المؤقت أسعد الشيباني في أنطاليا، ضمن لقاء استضافه فيدان وضم أيضًا السناتور الأمريكي ماركو روبيو.
- حضر محادثات غير مباشرة بين مسؤولين أتراك وأوكرانيين تمهيدًا لمفاوضات وقف إطلاق النار مع روسيا – مما يعكس مدى انخراطه في دبلوماسية إقليمية معقدة.
ما الذي تريد أمريكا تحقيقه من هذا التعيين؟
بحسب مراقبين، فإن واشنطن تسعى عبر باراك إلى:
- فتح قنوات مباشرة مع الحكومة السورية المؤقتة بقيادة أحمد الشراع.
- تنسيق دعم المنظمات الإنسانية والاستثمارية التي تنوي الدخول إلى سوريا بعد رفع العقوبات.
- احتواء النفوذ الإيراني والروسي في الداخل السوري، خصوصًا مع دخول قوى جديدة إلى المعادلة.
- تسريع خطوات التطبيع بين سوريا وإسرائيل، وهو ملف ناقشه ترامب شخصيًا مع الشراع خلال لقائهما في الرياض قبل أيام.
هل نحن أمام سياسة أمريكية جديدة؟
يبدو أن الولايات المتحدة باتت تُغيّر استراتيجيتها تجاه سوريا جذريًا:
من "الردع والعقوبات"، إلى "الشراكة وإعادة الإعمار".
ومن "التعامل مع خصم عدائي"، إلى "الانفتاح على حكومة انتقالية حليفة".
والأهم: من إشراف المؤسسات إلى قيادة الوجوه المقربة من ترامب بشكل مباشر.
تأثير هذا التحول؟
- على الأرض، قد تُسرّع هذه التحركات من عودة الاستقرار السياسي والاقتصادي في سوريا.
- دول مثل السعودية وتركيا وقطر قد ترى في هذا التحول ضوءًا أخضر لتمويل مشاريع إعادة الإعمار.
- أما إسرائيل، فهي تراقب بعين مفتوحة: إذ أن أي انفتاح أمريكي على دمشق يجب أن يضمن أمنها ومصالحها في الجولان والجنوب السوري.