هل نحن مهووسون بأنفسنا؟ النرجسيون أكثر عرضة للإدمان على السوشيال ميديا

الرسالة الأساسية
دراسة نفسية طويلة المدى تكشف أن معظم أشكال النرجسية ترتبط مباشرة بالإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي، مما يفتح النقاش حول علاقتنا بصورتنا الرقمية وتأثيرها على صحتنا النفسية والاجتماعية.
في زمن أصبحت فيه "اللايكات" عملة اجتماعية، و"الستوري" بوابة للوجود، تطرح دراسة جديدة تساؤلًا مثيرًا: هل نحن مدمنون على السوشيال ميديا… لأننا نرجسيون؟
وفقًا لدراسة نُشرت مؤخرًا في Journal of Research in Personality، فإن أغلب أشكال النرجسية مرتبطة بأعراض إدمان مواقع التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام، فيسبوك، وتيك توك. البحث، الذي استمر لأكثر من عام وشمل أكثر من 300 شخص، أظهر علاقة مباشرة بين سمات الشخصية النرجسية والإفراط في استخدام السوشيال ميديا بشكل يضر بالحياة اليومية، من النوم والدراسة، إلى العلاقات الواقعية.
النرجسية: مو بس "أنا الأجمل"
النرجسية مش بس حب النفس المفرط. حسب الدراسة، هي نمط دائم من التمركز حول الذات، الرغبة في الإعجاب، والثقة الزائدة. الباحثون اعتمدوا على نموذج دائري للنرجسية يقسمها إلى ستة أنواع:
- الإعجاب
- التنافس
- العداء
- العزلة
- البطولة
- القدسية
وباستثناء "القدسية"، وُجد أن كل هذه الأنواع مرتبطة بدرجات مختلفة من الإدمان على السوشيال ميديا.
كيف يتحول "تحديث الحالة" إلى إدمان؟
إدمان السوشيال ميديا هو حالة سلوكية تتسم بـ:
- تفقد المنصات بشكل قهري ⏱️
- صعوبة الابتعاد رغم الضرر 😰
- الاعتماد العاطفي على التفاعل الرقمي ❤️🔥
وهو مثل أي إدمان آخر، يؤثر على الدماغ بطرق تشبه القمار أو ألعاب الفيديو. بعض الدراسات أظهرت أن هذا النوع من الإدمان ينشّط دوائر المكافأة في الدماغ بطريقة مشابهة تمامًا لإدمان المخدرات والسكر.
العلاقة بين النرجسية والإدمان: معقدة… لكنها حقيقية
الدراسة التي أجراها فريق بقيادة يوليا ماريا بالسيروفسكا، تابعت سلوك المشاركين في أربع مراحل مختلفة خلال 2020–2021. النتائج أظهرت:
- الأشخاص ذوو سمات العزلة والعداء زادت لديهم أعراض الإدمان بزيادة هذه السمات، والعكس بالعكس.
- أما سمات الإعجاب والتنافس والبطولة، فكانت العلاقة بها متبادلة: زيادتها تقلل من الإدمان والعكس صحيح، ما يشير إلى علاقة ديناميكية متغيرة.
ببساطة، الشخص النرجسي قد يستخدم السوشيال ميديا ليُظهر نفسه بصورة مثالية، لكن عندما لا يحصل على الاهتمام الكافي، تزيد مشاعر العزلة أو العداء، ما يدفعه للمزيد من الاستخدام القهري… دائرة مغلقة.
تأثيرات حقيقية على الحياة اليومية
هذا النمط السلوكي مش مجرد عادة. الدراسة ربطت إدمان السوشيال ميديا بـ:
- قلة التفاعل الواقعي مع الأصدقاء والعائلة
- اضطرابات النوم
- تراجع الأداء الأكاديمي أو المهني
- انخفاض احترام الذات والشعور بالوحدة
والمثير؟ بعض المشاركين كانوا يظنون أنهم "يتحكمون" بعاداتهم الرقمية، بينما كانت المؤشرات تشير إلى العكس تمامًا.
هل الجيل زد أكثر عرضة للخطر؟
الإجابة القصيرة: نعم.
نحن الجيل الأكثر تواصلًا رقميًا، والأكثر مشاركة، والأكثر تقييمًا لذاتنا عبر عدسات الكاميرا والمنشورات. ومن الطبيعي أن تُظهر الأبحاث أن نسبة الإدمان ترتفع مع الاستخدام اليومي المكثف، والرغبة في نيل التقدير الرقمي.
ماذا يعني هذا لنا؟
معرفة أن سمات الشخصية تؤثر على علاقتنا بالسوشيال ميديا تساعدنا على:
- الوعي الذاتي: هل نستخدم المنصات للتعبير… أم للحصول على تأييد؟
- تنظيم الوقت الرقمي: هل وقت الشاشة مفيد أم مستنزِف؟
- بناء علاقات حقيقية بدلًا من ملاحقة الانتباه الوهمي.
الدراسة تُظهر أن الحل مش في حذف التطبيقات، بل في فهم علاقتنا بها.