جنون نتنياهو يصل إلى الدوحة.. ماذا بعد؟

ملخص :
استهدف الاحتلال الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، العاصمة القطرية الدوحة، في قصف صاروخي غير مسبوق، بهدف اغتيال قادة حركة "حماس" والفريق المفاوض.
ونجت قيادة الحركة التي كانت تدرس مقترحًا أميركيًا لوقف الحرب داخل مجمع سكني يضم مكاتب ومقرات سكنية لقياداتها، لكن الغارات التي استهدفت أكثر من موقع، أسفرت عن مقتل 6 أشخاص بينهم نجل عضو المكتب القيادي للحركة خليل الحية، ورجل أمن قطري.
الموقف القطري: السيادة خط أحمر
أدانت وزارة الخارجية القطرية الهجوم، مؤكدة أنها "لن تتهاون مع هذا السلوك الإسرائيلي المتهور والعبث بأمن الإقليم"، واصفة الاعتداء بـ "الإجرامي"، و"انتهاك صارخ للقوانين والأعراف الدولية، وتهديد خطير لأمن القطريين والمقيمين".
مؤتمر صحفي
خلال مؤتمر صحفي عقب الاعتداءات الإسرائيلي على الدوحة، وصف الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الهجوم الإسرائيلي على الدوحة بأنه "عربدة سياسية"، و"إرهاب دولة" يهدد أمن المنطقة، وأبرز ما جاء في المؤتمر:
- اتهم نتنياهو بقيادة الشرق الأوسط إلى مستوى خطير لا يمكن إصلاحه وزعزعة الاستقرار الإقليمي.
- شدّد على ضرورة عدم التغاضي عن أفعال إسرائيل وضرورة رد موحد على همجية نتنياهو.
- وصف الهجوم على قطر بأنه غادر وهدَم فرص السلام، مؤكداً أن الدوحة لم تكن على علم مسبق به.
- أوضح أن واشنطن أبلغت قطر بعد 10 دقائق من التنفيذ، وأن إسرائيل استخدمت أسلحة يصعب رصدها.
- أعلن بدء مراجعة شاملة لمنع تكرار الاعتداءات، وتشكيل فريق قانوني لاتخاذ إجراءات ضد إسرائيل.
- أكد أن قطر لن تتهاون في الدفاع عن سيادتها وأمنها وسترد بحزم على أي اعتداء.
- نفى أن قطر مررت معلومات لقيادات حماس أدت لنجاتهم.
- شدد على استمرار دور الدوحة في الوساطة بملف غزة رغم الاعتداء.
- أكد أن الدبلوماسية القطرية قائمة على الاستقرار والجهود السلمية، ولن تتأثر بتصرفات إسرائيل.
واشنطن تتحفظ.. وترامب ينفى مشاركته في القرار
عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تحفظه على الهجوم، وصرح بما يلي:
- الهجوم على قطر قرار اتخذه نتنياهو وليس قرارا اتخذته أنا.
- وجّهت وزير الخارجية ماركو روبيو لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية التعاون الدفاعي مع قطر.
- الهجوم الإسرائيلي الأحادي على قطر لا يحقق مصالح إسرائيل ولا الولايات المتحدة.
- وجّهت ويتكوف لإبلاغ الجانب القطري بالهجوم الإسرائيلي لكن التحذير جاء متأخرا للأسف.
- تحدثت إلى أمير قطر ورئيس وزرائها وأكدت لهما أن مثل هذا الأمر لن يتكرر على أرض قطر.
- قطر تعمل بجد وشجاعة وتخاطر معنا للتوسط في السلام.
- أعتبر قطر حليفا وصديقا قويا للولايات المتحدة وأشعر بحزن شديد لأن الهجوم وقع في قطر.
- أريد إطلاق سراح جميع الرهائن وأن تنتهي الحرب فورا.
- نتنياهو أخبرني بعد الهجوم أنه يريد تحقيق السلام وهذا الحادث المؤسف يمكن أن يكون فرصة للسلام.
- شكرت أمير قطر ورئيس وزرائها على دعمهما وصداقتهما لبلدنا.
لكن الخارجية القطرية نفت تلقيها أي إبلاغ مسبق، وقالت إن الاتصال الأميركي جاء أثناء سماع دوي الانفجارات.
إسرائيل: عملية "مستقلة ومسؤولة"
بينما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن العملية "مستقلة بالكامل"، مضيفًا "قادة الإرهاب لن يكونوا بمأمن في أي مكان"، مشيرا إلى أن الاستهداف تم لتصفية حسابات وضمان أمن إسرائيل.
وأعلن الجيش الإسرائيلي وجهاز "الشاباك" مسؤوليتهما عن العملية، معتبرين أنها استهدفت "القيادة العليا لحماس" المتهمة بتنفيذ هجوم 7 أكتوبر 2023.
خلافات بين القادة الإسرائيليين
نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية عن مصادر تصريحات مفادها أن:
- المجلس الوزاري المصغر علم بالعملية في قطر من خلال وسائل الإعلام.
- لم يكن هناك موقف موحد بين رؤساء الأجهزة الأمنية بشأن العملية.
- الشاباك أيد العملية بينما كانت جهات أخرى في المنظومة الأمنية أقل حماسا.
- رئيس الموساد لم يعارض العملية بحد ذاتها لكنه عارض توقيتها.
- رئيس الموساد قال إنه لا يمكن تصفية قادة حماس بينما المفاوضات معهم لا تزال جارية.
- نتنياهو رفض موقف رئيس الموساد وقال إن العملية ستنجز فورا.
الصحافة العبرية: نشوة واحتفاء
ركّزت وسائل الإعلام العبرية على "نجاح العملية"، واعتبرت أنها استهدفت اجتماعًا نادرًا لقيادة حماس في الدوحة لمناقشة المقترح الأميركي بشأن غزة، وكشفت أن 15 مقاتلة إسرائيلية شاركت في القصف، وأطلقت أكثر من 10 ذخائر دقيقة على أهدافها، بعد رصد "فرصة استخبارية نادرة".
إدانات ومواقف دولية غاضبة
- الأمم المتحدة: أدان الأمين العام، أنطونيو غوتيريش الهجوم، واصفًا إياه بـ "انتهاك صارخ لسيادة قطر"، وأكد أن "قطر لعبت دورًا إيجابيًا في جهود الوساطة بغزة"، داعيًا جميع الأطراف إلى وقف التصعيد.
- الأردن: قال الملك عبد الله الثاني أن أمن قطر من أمن الأردن، وأدانت وزارة الخارجية الأردنية الهجوم بأشد العبارات، واعتبرته "خرقًا فاضحًا للقانون الدولي واعتداءً سافرًا على سيادة قطر".
- السعودية: أكد الأمير، محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، أن بلاده تضع كل إمكاناتها لمساندة دولة قطر، وما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها، والمحافظة على سيادتها.
- تركيا: قال الرئيس، رجب طيب أردوغان، إن الاعتداء "يمثل انتهاكًا للقانون الدولي ولسيادة دولة قطر الشقيقة"، متهمًا حكومة نتنياهو بـ "تعميق الصراع".
- إيران: أعرب الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، عن تضامنه مع قطر، ووصفت الخارجية الإيرانية الهجوم بأنه "عمل خطير وإجرامي".
- فرنسا: اعتبر الرئيس، إيمانويل ماكرون، الضربات "غير مقبولة مهما كانت الدوافع"، داعيًا لمنع انتشار الحرب إلى المنطقة.
- ألمانيا: وصف المستشار، فريدريش ميرتس، الهجوم بـ "غير المقبول"، وأشاد بدور قطر في الوساطة.
- بريطانيا: قال رئيس الوزراء، كير ستارمر، إن الهجوم "انتهاك لسيادة قطر وينذر بمزيد من التصعيد".
- إسبانيا: وصف رئيس الوزراء، بيدرو سانشيز، العملية بـ "خرق واضح لميثاق الأمم المتحدة"، داعيًا إلى العودة للدبلوماسية.
- إيطاليا: عبرت رئيسة الوزراء، جورجا ميلوني، عن تضامن بلادها مع قطر، مؤكدة دعم الجهود لإنهاء الحرب في غزة.
- النرويج: وصف وزير الخارجية، إسبن بارث، إيدي القصف بأنه "انتهاك خطير للقانون الدولي".
- الصين: قال المندوب الصيني في الأمم المتحدة إن "قصف الدوحة يثبت أن إسرائيل تتجاوز كل القواعد".
- الاتحاد الأوروبي: أدان الهجوم واعتبره "تهديدًا خطيرًا للاستقرار الإقليمي"، مؤكدا دعمه لدور قطر كوسيط.
- منظمة التعاون الإسلامي: وصفت العدوان الإسرائيلي بأنه "انتهاك صارخ للقانون الدولي"
- مواقف أخرى: باكستان، ماليزيا، إندونيسيا، أيرلندا، والفاتيكان انضمت إلى موجة الإدانة، فيما أكد البابا ليو الـ 14 أن "الوضع خطير للغاية ويهدد الاستقرار".
ارتدادات اقتصادية عالمية
الهجوم انعكس على الأسواق العالمية، حيث ارتفعت أسعار النفط بنسبة 1.8% متخطية 67 دولارًا لبرنت، وقفز الذهب إلى 3674 دولارًا للأونصة، فيما انهارت أسعار العملات الرقمية، وسُجّلت تصفيات تداول بقيمة 52 مليون دولار خلال ساعة.
ماذا بعد؟
شكّل الهجوم الإسرائيلي على الدوحة تحوّلًا خطيرًا في مسار الصراع، إذ نقل المواجهة إلى عاصمة عربية بعيدة عن خط النار التقليدي، ما أثار موجة غضب دولية عارمة، وبينما تتمسك إسرائيل بحقها في استهداف قادة "حماس" أينما كانوا، تحذّر عواصم العالم من أن ضرب قطر، الوسيط المحوري في المفاوضات، قد يفتح الباب أمام تصعيد إقليمي واسع يقوّض فرص التهدئة والسلام.