التحالفات العراقية في انتخابات 2025.. ما هي التركيبات الحزبية وفرص الفوز؟

ملخص :
تستعد الساحة السياسية العراقية للانتخابات البرلمانية المقررة في عام 2025، وسط تحركات مكثفة من القوى السياسية التقليدية والناشئة، في محاولة لإعادة رسم التوازنات داخل البرلمان والحكومة، وتعكس التحالفات الحالية رغبة واضحة في تعزيز النفوذ والمواقع داخل السلطة التشريعية والتنفيذية، في ظل بيئة انتخابية متغيرة تشهد تنافسًا شديدًا بين مختلف القوى السياسية، وفق دراسة أعدها مركز الخليج للأبحاث، نشرت في شهر حزيران/ يونيو 2025، واطلعت عليها "الحدث+".
التحالفات السياسية: قراءة استراتيجية للواقع الانتخابي
تشير الدراسة إلى أن بدايات التحالفات السياسية المبكرة تؤشر على وجود خطط مدروسة لإعادة تشكيل المشهد البرلماني، فالحركات التحالفية ليست عشوائية أو ظرفية، بل تمثل قراءة دقيقة للواقع السياسي المتغير، واستعدادًا مبكرًا لمعركة انتخابية متوقعة أن تكون شديدة التنافس.
وتسعى هذه التحالفات إلى التأثير المباشر على مخرجات السلطة التشريعية والتنفيذية عبر فرض رؤاها السياسية وبرامجها الاقتصادية والاجتماعية، مستفيدة من أطر جماعية أكثر فاعلية، كما تمثل هذه التحالفات رد فعل على الصراعات السابقة بين الكتل البرلمانية، وسعي كل طرف لتقليص نفوذ منافسيه أو إقصائهم جزئيًا عن مراكز القرار.
وتقول الدراسة إن التحالفات المعلنة تهدف إلى التموضع بأفضل شكل في الخريطة الانتخابية، مستفيدة من القواعد الجماهيرية والامتدادات المناطقية والخطاب السياسي والإعلامي، بما يعزز فرص الفوز بالمقاعد البرلمانية، التي تُعتبر مفتاح التفاوض ومصدر القوة في تشكيل الحكومة المقبلة.
النظام الانتخابي المعدل: تعزيز نفوذ الكتل الكبرى
وجاء في الدراسة أنه وفي 27 مارس 2023، أقر مجلس النواب العراقي التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية رقم (12) لسنة 2018، ليعيد العمل بنظام "سانت ليغو المعدل" بمعامل قسمة 1.7، بعد التخلي عنه عقب احتجاجات تشرين 2019.
وذكرت أن المراقبين يرون أن هذا التعديل جاء بمبادرة من الكتل السياسية الكبرى، مثل "الإطار التنسيقي"، لإعادة هندسة التوازنات الانتخابية بما يعزز نفوذها ويحد من فرص الأحزاب الناشئة والمستقلين، كما أن النظام المعدل يعيد تمركز السلطة الانتخابية بيد القوائم الكبرى من خلال آلية توزيع المقاعد، ما يقلل فعليًا من دور المرشح الفردي ويثير المخاوف حول مستقبل التعددية السياسية في العراق.
البيئة السياسية والتنظيمية: أرقام تعكس الواقع
أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن تسجيل 343 حزبًا رسميًا، إضافة إلى 60 حزبًا قيد التأسيس. من بين هذه الكيانات، أعرب 118 حزبًا عن رغبتها بالمشاركة في الانتخابات، فيما تم تسجيل 66 تحالفًا انتخابيًا جديدًا، منها 24 تحالفًا فقط أكدت مشاركتها رسميًا في انتخابات 2025، حسب ما جاء في الدراسة.
وتعكس هذه الأرقام حجم التشظي السياسي في العراق، ومحاولة القوى المختلفة إعادة تجميع نفسها تحت أطر تحالفية، في ظل قانون انتخابي يُفضل الكتل الكبيرة على التمثيل الفردي والمستقل، وفق دراسة مركز الخليج للأبحاث.
ملامح التحالفات السياسية في انتخابات العراق 2025
وحسب الدراسة فإن أهم التحالفات والائتلافات الانتخابية هي:
أولا: الإطار التنسيقي (التحالف الشيعي التقليدي):
التركيب: يضم أحزابًا شيعية بارزة مثل "دولة القانون" و"الفتح" و"عصائب أهل الحق".
الفرص: يستفيد من شبكة تنظيمية قوية وقواعد جماهيرية واسعة، مما يعزز فرصه في الفوز.
ثانيا: التيار الصدري (التيار الوطني المستقل):
التركيب: يتزعمه مقتدى الصدر، ويتميز بقاعدة شعبية كبيرة، خاصة بين الشباب.
الفرص: رغم تراجع بعض النفوذ، إلا أن شعبيته ما زالت تؤهله للمنافسة بقوة.
ثالثا: التحالف المدني الديمقراطي (التيار المدني):
التركيب: يضم أحزابًا ليبرالية وعلمانية تسعى لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان.
الفرص: يواجه تحديات في ظل النظام الانتخابي الحالي، لكنه يسعى لجذب الناخبين الشباب والمثقفين.
رابعا: التحالف الكردي الموحد (التحالف الكردي):
التركيب: يضم الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.
الفرص: يتمتع بتنسيق قوي بين الأحزاب الكردية، مما يعزز فرصه في الفوز.
خامس: التحالف السني (التحالف السني التقليدي):
التركيب: يضم أحزابًا سنية بارزة تسعى لتعزيز تمثيل السنة في البرلمان.
الفرص: يواجه تحديات في ظل التنافس الداخلي، لكنه يسعى لتوحيد الصفوف.
التقسيم الانتخابي وآليات الفرز
وتشير الدراسة التي أعدتها الباحث الأول في مركز الخليج الأبحاث، الدكتورة رشا العزاوي، بأنه تم تقسيم العراق إلى 83 دائرة انتخابية متعددة الأعضاء بحسب الكثافة السكانية، حيث تتراوح الدوائر بين 1 في المثنى و12 دائرة في بغداد، مضيفة أن القانون يمنح لكل دائرة عددًا من المقاعد يتراوح بين 3 و5 مقاعد، هو خطوة تهدف إلى تعزيز التمثيل المحلي، لكنها عمليًا لم تُحد من هيمنة القوائم الكبرى بسبب اعتماد نظام "سانت ليغو المعدل".
وتضيف أنه تم اعتماد آلية عد وفرز إلكترونية لضمان نزاهة وسرعة العملية الانتخابية، تشمل تصويت الناخب عبر جهاز إلكتروني يقرأ ورقة الاقتراع ويخزن النتائج، مع عد يدوي جزئي عشوائي في 5% إلى 10% من المحطات للتأكد من صحة النتائج.
بين التعددية وإعادة تدوير النخب
تؤكد الدراسة أن الانتخابات البرلمانية العراقية لعام 2025 تعتبر مفصلية في تاريخ العراق السياسي، إذ تسعى القوى السياسية من خلالها لإعادة تشكيل التوازنات داخل البرلمان والحكومة، بينما يعزز النظام الانتخابي المعدل نفوذ الكتل الكبرى على حساب الأحزاب الناشئة والمستقلين، تظهر التحالفات السياسية استعدادًا مبكرًا لمعادلة انتخابية شديدة التنافس، حيث يبقى عدد المقاعد مفتاح التفاوض ومصدر القوة في تشكيل الحكومة المقبلة.
وتبقى التساؤلات قائمة؛ هل ستُسهم هذه الانتخابات في تعزيز الديمقراطية والتعددية السياسية في العراق، أم ستكون مجرد إعادة تدوير للنخب الحاكمة؟
والجدير بالذكر أن مجلس الوزراء العراقي قد حدد يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر موعدا لإجراء الانتخابات التشريعية في العراق.