العملية الانتخابية لمجلس الشعب السوري تدخل مرحلة الحسم.. ماذا نعرف عنها؟

ملخص :
تواصل العملية الانتخابية غير المباشرة لتسمية ثلثي أعضاء مجلس الشعب السوري تقدمها بخطى ثابتة، بعد أن اكتمل تشكيل اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات، إلى جانب اللجان الفرعية في مختلف الدوائر الانتخابية، إيذاناً بمرحلة مفصلية في المسار السياسي السوري.
ويعتبر مراقبون أن هذه الانتخابات تمثل منعطفاً حاسماً ضمن المرحلة الانتقالية التي يقودها الرئيس، أحمد الشرع، لما تحمله من انعكاسات استراتيجية على مستقبل البلاد السياسي لعقود مقبلة، ما يجعل متابعة تفاصيلها بمثابة قراءة دقيقة لخارطة الطريق نحو سوريا الجديدة.
مرسوم رئاسي لتشكيل اللجنة العليا
في 13 يونيو/حزيران 2025، أصدر الرئيس السوري المرسوم رقم 66 القاضي بتشكيل "اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب"، برئاسة محمد طه الأحمد، وعضوية كل من: حسن الدغيم، عماد برق، لارا عيزوقي، نوار نجمة، محمد علي محمد ياسين، محمد ولي، محمد ياسر كحالة، حنان البلخي، بدر الجاموس، وأنس العبده.
وقد استند المرسوم إلى المادة (24) من الإعلان الدستوري، التي تمنح مجلس الشعب صلاحيات تشريعية مؤقتة حتى إقرار دستور دائم وإجراء انتخابات عامة جديدة، محدداً ولاية المجلس بـ 30 شهراً قابلة للتجديد، كما نصت المادة (25) على الحصانة البرلمانية وشروط عزل الأعضاء، فيما فصلت المادة (30) مهام المجلس التشريعية، من اقتراح القوانين إلى المصادقة على المعاهدات والموازنات العامة. أما المادة (38)، فقد حددت صلاحيات رئيس الجمهورية في إصدار القوانين والاعتراض عليها، مع إمكانية إعادة النظر فيها بموافقة ثلثي المجلس.
انطلاق رسمي ومؤتمر صحفي في دمشق
باشرت اللجنة العليا أعمالها رسمياً في 18 يونيو/حزيران عبر مؤتمر صحفي في العاصمة دمشق، كشفت فيه عن آلية الانتخابات غير المباشرة، متعهدة بإتمامها خلال ثلاثة أشهر، أعقب ذلك سلسلة لقاءات ميدانية في المحافظات مع مسؤولين حكوميين ووجهاء المجتمع، إلى جانب اجتماعات مع سفراء عرب وأجانب، ووفود دولية أبرزها وفد مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا.
وفي 22 يونيو/حزيران، تم تشكيل لجنة قانونية خاصة لتقديم الاستشارات وصياغة المقترحات، وضمان سلامة الإجراءات القانونية للعملية الانتخابية.
نظام انتخابي مؤقت وتوسيع التمثيل
في 20 أغسطس/آب 2025، صادق الرئيس السوري على النظام الانتخابي المؤقت بموجب المرسوم رقم 143، والذي أعدته اللجنة العليا، متضمناً رفع عدد مقاعد مجلس الشعب من 150 إلى 210، بهدف تعزيز تمثيل المحافظات.
النظام الجديد حدد شروط الأهلية للترشح والعضوية في اللجان الانتخابية، مستبعداً أنصار النظام السابق، والتنظيمات الإرهابية، ودعاة الانفصال، وأصحاب خطاب الكراهية، إلى جانب اشتراطات تتعلق بالعمر والجنسية والإقامة، مع منع العسكريين وأعضاء الحكومة من الترشح.
كما تم توزيع المقاعد على المحافظات وفق القرار رقم 1378 الصادر عن وزارة الإدارة المحلية عام 2011، حيث نالت محافظة حلب الحصة الأكبر بـ 32 مقعداً.
لجان الطعون القضائية: ضمانات قانونية
استكمالاً للضمانات القانونية، شكلت اللجنة العليا لجان طعون قضائية فرعية مستقلة، بعد ندب القضاة من قبل وزير العدل، لتلقي الطعون المتعلقة بتشكيل اللجان الفرعية. وقد أُعلنت القائمة النهائية لتلك اللجان في 3 سبتمبر/أيلول 2025.
وأكد حسام سلطان، المحامي العام ورئيس لجنة الطعون الفرعية في دمشق، أن اللجان تلقت 36 طعناً من مختلف المحافظات، تم البت فيها واستبدال الأعضاء الذين أُلغيت عضويتهم، موضحا أن عمل لجان الطعون سيستمر حتى انتهاء العملية الانتخابية وإعلان أعضاء المجلس.
اختيار الهيئة الناخبة: معايير دقيقة وتمثيل شامل
بعد أداء القسم، تبدأ اللجان الفرعية باختيار أعضاء الهيئة الناخبة ضمن دوائرها، وفق معايير دقيقة تضمن التوازن بين الكفاءات الجامعية بنسبة لا تقل عن 70%، وفئة الأعيان بنسبة لا تتجاوز 30%، كما يُراعى تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 20%، وذوي الإعاقة بنسبة 3%، إلى جانب المهجرين داخلياً وخارجياً، وذوي الشهداء والناجين من المعتقلات.
وتقترح اللجان الفرعية أسماء تعادل 30 إلى 50 ضعف عدد المقاعد، تُرفع إلى اللجنة العليا التي تقوم بمراجعتها واعتمادها، وبعد إعلان القائمة الأولية، تُفتح أبواب الطعون، ليتم البت فيها قبل إصدار القائمة النهائية للهيئة الناخبة.
الاقتراع: سرية، رقابة، وشفافية
تبدأ مرحلة الترشح من قبل أعضاء الهيئة الناخبة، تليها حملة دعائية تستمر 7 أيام، وتنتهي قبل 24 ساعة من موعد الاقتراع، وتُجرى عملية التصويت بشكل سري ومباشر في يوم واحد ولمدة 3 ساعات قابلة للتمديد، وسط رقابة من المرشحين ووكلائهم، وتأمين من قبل قيادة الأمن الداخلي، مع فتح المجال للإعلام بعد موافقة رئيس اللجنة الفرعية.
وتحتفظ اللجنة العليا بحق دعوة بعثات دبلوماسية ومنظمات دولية لمراقبة العملية، وبعد الفرز، تُسلم الصناديق ومحاضر الاقتراع إلى لجنة الطعون، وتُعلن النتائج الأولية في اليوم التالي، مع فتح باب الطعون للمرشحين فقط، قبل إصدار القائمة النهائية وإعلان الفائزين.
تشكيل المجلس الجديد: الخطوة الأخيرة
يصدر رئيس الجمهورية مرسوماً بتسمية أعضاء مجلس الشعب، متضمناً الفائزين وثلاثة أعضاء يُعينهم مباشرة، وخلال ثلاثة أيام من صدور المرسوم، يدعو رئيس اللجنة العليا المجلس لعقد جلسته الأولى، التي يترأسها أكبر الأعضاء سناً، لانتخاب الرئيس، ونوابه، وأمين السر، بعدها يؤدي الأعضاء القسم أمام رئيس المجلس، لتبدأ رسمياً ولاية مجلس الشعب الجديد.