سياسات ترامب تُفقد الجامعات الأميركية طلابها الدوليين
ملخص :
في مشهد غير معتاد، تشهد الجامعات الأميركية "هجرة عكسية" للطلاب الدوليين بسبب سياسات الهجرة المتشددة التي تبنتها إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فبعدما كانت الولايات المتحدة الوجهة المفضلة لعقول شابة من أنحاء العالم، تواجه اليوم تراجعًا حادًا في أعداد الطلبة، مما يحرم مؤسساتها الأكاديمية من موارد مالية مهمة، ويهدد تنوعها العالمي.
يأتي هذا التحول نتيجة سلسلة قرارات وإجراءات صارمة اتخذتها إدارة ترامب تجاه الطلاب الأجانب، من حظر السفر على دول معينة، إلى تشديد منح التأشيرات، وفحص حسابات المتقدمين على مواقع التواصل، خلقت هذه السياسات مناخًا من عدم اليقين والخوف دفع الكثيرين لإعادة النظر في خيار الدراسة بأميركا.
انهيار في أعداد الوافدين الجدد
أظهرت البيانات الحديثة تراجع عدد الطلاب الدوليين الجدد الوافدين إلى الولايات المتحدة بنسبة 28% مقارنة بالعام الماضي، وتكبدت الدولتان الأكثر إرسالًا للطلبة النصيب الأكبر من هذا التراجع، حيث انخفض عدد الطلبة القادمين من الهند بنحو 46%، ومن الصين بـ 26%، وتتوقع المؤسسات الأكاديمية الأميركية انخفاضًا يقارب 30% في تسجيلات الطلبة الأجانب الجدد هذا العام، مما قد يحرمها حوالي 2.6 مليار دولار من عائدات الرسوم الدراسية.
تأتي هذه الأرقام بعد سنوات اعتمدت فيها الجامعات على استقطاب الطلبة الدوليين لتعويض تراجع أعداد الطلبة المحليين، إذ بلغ عدد الطلاب الأجانب في أميركا ذروته عند 1.1 مليون طالب في العام الدراسي 2023-2024، قبل أن يبدأ بالانخفاض الحاد تحت وطأة السياسات الحالية.
تأشيرات مُعطّلة وحظر سفر
يعزو الخبراء هذا الانخفاض إلى سياسات ترامب المتشددة في ملفات التأشيرات والهجرة، فقد شهدت عمليات إصدار تأشيرات الطلاب تباطؤًا شديدًا، ووصل الأمر إلى وقف مقابلات التأشيرة مؤقتًا في مايو/ أيار الماضي ورغم استئنافها لاحقًا، فُرضت إجراءات تدقيق إضافية تشمل فحص حسابات التواصل الاجتماعي للمتقدمين، إضافةً إلى ذلك، وسّعت إدارة ترامب قائمة البلدان المحظور دخول طلابها لتشمل 19 دولة، مما حال دون التحاق آلاف الطلبة، أو أخّر وصولهم على الأقل، كما خلق التشديد على الطلبة الصينيين حالة ارتباك وخوف، وسط اتهامات لهم بالتجسس الأكاديمي وخضوعهم لتدقيق خاص، كل هذه العوامل أضعفت صورة الولايات المتحدة كوجهة تعليمية جذابة للكثيرين.
أزمة مالية تضرب الجامعات
ظهرت آثار هذه الهجرة العكسية على ميزانيات الجامعات بشكل سريع، فالطلاب الأجانب يدفعون رسومًا مرتفعة ويعوّضون نقص الطلبة المحليين، لذا أدى تناقصهم إلى ضغوط مالية خانقة في عدة مؤسسات، وحذرت وكالة "موديز" من أن انخفاض أعدادهم بنسبة 20% قد يفرض ضغوطًا مالية "شديدة" على 130 جامعة أميركية، مع تقلص هوامش أرباح بعضها بما يصل إلى 8 نقاط.
شرعت جامعات كبرى في إجراءات تقشفية، فجامعة جورج واشنطن أعلنت تجميد التوظيف وربما تسريح موظفين، مرجعةً ذلك لتباطؤ التأشيرات وحظر السفر في عهد ترامب، حتى جامعة هارفارد وجدت نفسها تخوض معركة قضائية مطلع العام الجاري لوقف محاولة حكومية لمنع التحاق الطلاب الدوليين الجدد بها في سابقة تنذر بخطورة الوضع.
منافسة عالمية ووجهات بديلة
في ظل هذا المناخ، بدأ الكثير من الطلاب الطموحين بتوجيه أنظارهم نحو دول بديلة تقدم تعليمًا عالي الجودة وترحب بالوافدين، وشهدت بالفعل كندا وبريطانيا وأستراليا وغيرها تزايدًا في إقبال الطلاب الذين أحجموا عن الدراسة في أميركا، كما تسعى جامعات في أوروبا وآسيا لاستقطاب هذه المواهب عبر تسهيلاتها وبرامجها الجذابة، مستغلةً الفراغ الذي تتركه السياسات الأميركية.
