"خطة إسرائيل لتوزيع المساعدات في غزة: جدل دولي ورفض أممي"

في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة يعيشها قطاع غزة، برزت خطة إسرائيلية بديلة لتوزيع المساعدات، تقودها مؤسسة جديدة اسمها "مؤسسة غزة الإنسانية"، مدعومة من الولايات المتحدة. ورغم الإعلان عن بدء عملها نهاية مايو/أيار الجاري، ترفض الأمم المتحدة الانضمام لهذه الخطة، مشيرة إلى أنها تفتقر للنزاهة وتخالف المبادئ الإنسانية الأساسية.
من هي مؤسسة غزة الإنسانية؟
"مؤسسة غزة الإنسانية" تم تسجيلها في جنيف في فبراير/شباط 2024، ويترأسها جيك وود، قناص سابق في قوات المارينز الأميركي، وله مواقف معلنة داعمة لإسرائيل. وتعتزم المؤسسة تنفيذ عمليات توزيع المساعدات بالتعاون مع شركتين أميركيتين للأمن واللوجستيات: "يو جي سوليوشنز" و"سيف ريتش سوليوشنز".
وبحسب مصادر أميركية، تلقت المؤسسة وعوداً بتمويل يزيد عن 100 مليون دولار، دون الكشف عن مصدر تلك الأموال.
كيف ستُنفذ الخطة الجديدة؟
الخطة تنطلق من أربع "مواقع توزيع آمنة" في جنوب غزة، يُفترض أن تقدم الغذاء والماء وحقائب النظافة لنحو 300 ألف شخص لكل موقع. وستدخل الشركتان الأميركيتان المساعدات إلى القطاع، وتقوم منظمات إغاثية (لم تُحدد) بتوزيعها داخل هذه المناطق.
لكن المثير للقلق هو أن التوزيع سيتم ضمن "فقاعات إنسانية" - وهي أحياء مغلقة بأسوار، لا يدخلها إلا من يتجاوز تحققًا بيومتريًا. ووفقًا لوثائق تم تداولها بين منظمات الإغاثة، المؤسسة طلبت من الجيش الإسرائيلي تحديد مواقع جديدة في شمال غزة يمكن تفعيلها خلال 30 يومًا.
لماذا ترفض الأمم المتحدة الخطة؟
وصفت الأمم المتحدة الخطة بأنها "ليست حيادية، ولا مستقلة، ولا نزيهة". وقال توم فليتشر، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، إن الخطة تهدد بتقييد المساعدات أكثر، وتربطها بالسياسات والأهداف العسكرية، ما يُفرغ العمل الإنساني من معناه.
وفي إحاطة لمجلس الأمن، أشار فليتشر إلى أن الخطة تعرض الآلاف للخطر، وتغطي جزءًا فقط من غزة، بينما تغفل عن باقي المناطق التي تعاني من أوضاع كارثية.
ما السبب في اللجوء إلى هذه الخطة الآن؟
منذ 2 مارس/آذار، منعت إسرائيل دخول جميع المساعدات إلى غزة بحجة أن حماس تسيطر عليها، وهو ما تنفيه الحركة. ومع تصاعد الضغط الدولي والسقوط الوشيك لنصف مليون إنسان في المجاعة، طرحت إسرائيل هذه الآلية الجديدة كحل بديل.
وقد حذّر تقرير أممي حديث من أن 25% من سكان القطاع مهددون بالموت جوعًا. ووسط هذا الوضع الكارثي، تسعى واشنطن لتطبيق الخطة الجديدة على أمل تسريع وتيرة الإغاثة.
هل هناك آليات حالية فعالة؟
نعم. الأمم المتحدة تملك آلية قائمة كانت تعمل بفعالية، خاصة خلال فترة الهدنة. تقوم إسرائيل بفحص المساعدات، ثم تدخل إلى غزة، وتوزعها الأمم المتحدة. هذا النظام أثبت كفاءته، وتقول الأمم المتحدة إنه لا حاجة لاختراعه من جديد.
المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك شدد على أن "لدينا آلية تعمل"، مضيفًا: "لسنا بحاجة إلى شريك جديد يملي علينا كيف نقوم بعملنا".
ما الذي تطلبه الأمم المتحدة لتوسيع المساعدات؟
الأمر بسيط نسبيًا: فتح معبرين على الأقل (شمالي وجنوبي غزة)، تسهيل الإجراءات، وقف تقييد الحصص، حماية قوافل المساعدات من الهجوم، والسماح بدخول مواد مثل الطعام، والمياه، والوقود، والمأوى، والرعاية الصحية.
الواقع الآن؟
رغم كل الجهود، ما زال الوضع الإنساني متدهورًا. دخلت خمس شاحنات فقط إلى غزة في يوم واحد، وهو ما وصفه فليتشر بـ"قطرة في بحر". وفي تطور جديد، وافقت إسرائيل على السماح لـ100 شاحنة إضافية بالدخول — لكن هل يكفي ذلك؟