حكايات الصمود في غزة.. الحياة على حافة الجوع تحت الحصار

"بالأمس كافحنا للحصول على السكر، وغداً سنبادله بالخبز، فلا شيء يبقى طويلاً هنا". بهذه الكلمات تختصر خلود (33 عاماً) زوجة ظاهر، حال آلاف العائلات في غزة، حيث تحوّل البقاء إلى رحلة يومية شاقة في ظل الحصار والحرب المستمرة.
قصص ظاهر وإسراء وسارة تجسّد الوجه الإنساني الحقيقي لمعاناة سكان غزة الذين يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء والدواء، وظروفاً معيشية صعبة، فيما تتفاقم أزمة الجوع والنزوح.
في خان يونس جنوب القطاع، تبدو حياة ظاهر (33 عاماً) رحلةً قاسية من البحث اليومي عن الطعام وسط أسعار خيالية وندرة شديدة للسلع الأساسية. كان ظاهر فيما مضى قادراً على إعالة أسرته بكرامة، لكنه اليوم يقف عاجزاً أمام رفوف المتاجر شبه الفارغة، ويقايض ساعات طويلة للحصول على القليل من الخضروات الفاسدة.
الهمّ الأكبر لظاهر هو صحة زوجته خلود، التي فقدت جنينها نتيجة قصف إسرائيلي أصابها أثناء نزوحهما. معاناتها النفسية والجسدية، إضافةً إلى نحافة طفلهما يوسف ذي الأربع سنوات، تزيد من ألم الأب الذي يشعر بالعجز، في ظل استمرار تحليق الطائرات المسيّرة فوق رؤوسهم.
أما إسراء (33 عاماً)، النازحة في مخيم النصيرات، فتحمل قصتها ملامح أخرى من المعاناة اليومية. بعد أن كانت تحلم بإكمال دراستها والعمل في مجال التكنولوجيا، تحوّلت أيامها إلى كفاح مرير من أجل تأمين أبسط الاحتياجات كالماء والطعام. تواجه إسراء كل يوم طوابير طويلة للحصول على القليل من الماء النظيف، وتعتمد على الحطب لطهي وجباتها الهزيلة المكوّنة غالباً من العدس والمعكرونة المسلوقة.
ومع فقدان زوجها لوظيفته، تتحمل إسراء وحدها مسؤولية رعاية أطفالها الثلاثة، وتطاردها ذكريات الحروب السابقة ومخاوف المستقبل المجهول. تقول بحزن: "العالم ربما سئم من مأساتنا، لكن معاناتنا لم تنتهِ بعد".
قصة سارة (27 عاماً)، التي تعيش حالياً في مدرسة مكتظة تابعة للأونروا جنوب القطاع، لا تقلّ ألماً. بعد تدمير منزل عائلتها في الشمال، أصبحت مضطرة للاهتمام بعائلتها الكبيرة وأبناء أخيها الأيتام. المهمة اليومية الأصعب لسارة هي تأمين الطعام من مطبخ المدرسة المشترك، حيث يضطر إخوتها الصغار إلى التنافس الشديد من أجل لقمة عيش.
حتى النظافة الشخصية أصبحت رفاهية، في ظل انعدام الموارد وشحّ المياه النظيفة. وتصف سارة إحساسها بالعجز حين تعجز عن مواساة أبناء أخيها الأيتام، في واقع قاسٍ لا يرحم.
هذه القصص الثلاث تشكل صرخة استغاثة من قلب غزة، وتعكس معاناة الآلاف الذين يعيشون بين مرارة النزوح والخوف الدائم من القصف، في ظل أزمة إنسانية متفاقمة. وتبقى آمالهم معلّقة على تحرك عالمي عاجل لإيصال المساعدات وتوفير الحماية اللازمة، ووضع نهاية حقيقية لهذه المعاناة التي طال أمدها.