"مايكروسوفت" في قلب عاصفة الانتقادات: تقنيات الذكاء الاصطناعي تدعم حرب إسرائيل على غزة

في كشف صادم جديد، أظهر تقرير حديث تورط شركة التكنولوجيا العالمية "مايكروسوفت" في دعم الجيش الإسرائيلي، من خلال توفير تقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة استُخدمت في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والمستمرة منذ أكثر من 19 شهرًا. هذا التقرير، الذي نشره المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، أضاء على الدور الحاسم الذي تلعبه التقنيات الرقمية، وبالتحديد نموذج الذكاء الاصطناعي "تشات جي بي تي 4"، في تعزيز قدرة إسرائيل على تنفيذ هجماتها العسكرية.
وأشار التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي استخدم هذه التقنيات في جمع وتحليل كميات هائلة من البيانات بهدف تحديد الأهداف وتسهيل عمليات الاستهداف بسرعة تفوق القدرات البشرية التقليدية. ووفقاً للوثائق المسربة التي حصلت عليها صحيفة "الغارديان"، قدمت مايكروسوفت خدمات تكنولوجية بملايين الدولارات، شملت دعمًا تقنيًا مكثفًا ومنصات سحابية (Azure)، التي يعتمد عليها الجيش الإسرائيلي بشكل كبير في عملياته الجوية والبحرية والاستخباراتية.
لكن الأمر لم يتوقف عند الدعم السحابي فقط؛ حيث كشف التقرير عن منح مايكروسوفت الجيش الإسرائيلي وصولًا خاصًا وموسعًا لنموذج الذكاء الاصطناعي المتقدم "تشات جي بي تي 4"، تحديداً لوحدات استخباراتية حساسة مثل الوحدتين 8200 و9900. وقد تم استخدام هذه التقنية في تحليل كميات ضخمة من البيانات المستمدة من المراقبة الجماعية للسكان الفلسطينيين، مما زاد من قدرات إسرائيل التجسسية والتدميرية بشكل غير مسبوق.
وجاء اعتراف "مايكروسوفت" بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي، بعد موجة من الاحتجاجات قادها موظفو الشركة والنشطاء الحقوقيون تحت شعار "No Azure for Apartheid"، حيث اتهم المحتجون الشركة بالتورط في دعم حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة. ورغم محاولة مايكروسوفت الدفاع عن نفسها باعتبار أن هذا التعاون ذو طابع تجاري بحت، إلا أن هذا لم يخفف من حدة الانتقادات التي وُجهت لها.
من جهته، اعتبر تقرير "مدار" أن تورط مايكروسوفت ليس مجرد دعم تكنولوجي عابر، بل هو بمثابة شراكة كاملة في حرب الإبادة الجارية، لافتًا إلى أن هذه العلاقة تعكس اتجاهًا متزايدًا لتوظيف الشركات العالمية الكبرى في خدمة العمليات العسكرية والاستخباراتية، بعيدًا عن شعارات الابتكار "لخدمة الإنسان".
ويحذر التقرير من أن استمرار هذا النهج يضع الشركات العالمية في موقف شريك مباشر في عمليات عسكرية تنتهك القانون الدولي، ويُعرض سمعتها للخطر أمام جمهور عالمي شاب يرفض بشكل متزايد التواطؤ مع مثل هذه الانتهاكات.
وعلى الرغم من محاولات "مايكروسوفت" التبرؤ من الاستخدام "الضار" لتقنياتها، فإن ما كشفه التقرير يؤكد أن التعاون مع الجيش الإسرائيلي ساهم بشكل مباشر في تمكين عمليات قتل جماعي ومراقبة مشددة بحق الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.
هذا الكشف الأخير يطرح تساؤلات مهمة حول المسؤولية الأخلاقية لشركات التكنولوجيا، ويعيد للواجهة دور الشركات العالمية في الصراعات الدولية، وسط دعوات متزايدة من الشباب حول العالم للمقاطعة والمساءلة القانونية للشركات المتورطة.